[img]
[/img]
مارس الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني عمر حسن البشير نقدا ذاتيا، مقرا بوقوع نظام الحكم السوداني في أخطاء ساهمت في حدوث الأزمة الراهنة في اقليم دارفور، وشكك في امكانية حدوث الانتخابات الرئاسية والتشريعية في بلاده مطلع العام المقبل، بموجب قانون انتخابات عصري ومتطور، كما قال، جراء تراجع اولوية الانتخابات عند السياسيين السودانيين أمام التطور الأخير في قضية دارفور ممثلا في طلب لويس اوكامبو، مدعي عام محكمة الجنايات الدولية من قضاة المحكمة الأمر باعتقال الرئيس السوداني، معلنا ترحيب الخرطوم بالمبادرة العربية التي أقرت بإجماع وزراء الخارجية العرب، لحل الأزمة، مؤكدا التفاف جميع القوى السودانية الموالية والمعارضة حول حكومة «الوحدة الوطنية».. «باستثناء موقف واحد شاذ جدا»، وذلك في إشارة لموقف الدكتور حسن الترابي، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المنشق عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
وكشف صلاح الدين في معرض رده على سؤال آخر عن وجود تحشدات عسكرية غير نظامية لمنظمات متمردة داخل اراضي ثلاث دول مجاورة للسودان بهدف الاستعداد لمهاجمة السودان عسكريا مرة أخرى، على غرار هجوم أم درمان الأخير. وقال إن تشاد هي واحدة من هذه الدول
مستشار الرئيس السوداني قال فى حديث نشرته صحيفة الشرق القطرية لمجموعة من الكتاب والصحفيين الأردنيين،خلال زيارته الاخيرة للعاصمة عمان انه اتى لعمان لتقديم الشكر للأردن ملكا وحكومة وشعبا، على الموقف المؤيد للسودان، مقدما «حقائق جوهرية» فيما يتعلق بمذكرة لويس اكامبو مدعي عام محكمة الجنايات الدولية، التي طلب فيها من قضاة المحكمة إصدار قرار باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير، ملاحظا ابتداء أن عدد الدول الموقعة على قرار تشكيل المحكمة أقل من الدول غير الموقعة، ومن بين الدول غير الموقعة الولايات المتحدة والصين والهند، وهي أقوى الدول عسكريا وبشريا؛ إضافة لمعظم الدول الآسيوية، والعربية، حيث توجد فقط دولتان عربيتان موقعتان على الاتفاقية المنشئة للمحكمة هما الأردن وجيبوتي. والسودان نفسه غير موقع على الاتفاقية، وعلى ذلك يخلص صلاح الدين إلى أن المحكمة جهة غير ذات اختصاص بالنسبة للسودان.
إلى ذلك قال صلاح الدين: إن قرار طلب اعتقال الرئيس البشير معيب، ويتيح الطعن به لأكثر من سبب:
الأول: أن طلب المدعي العام محال لجهة غير ذات اختصاص بالنسبة للسودان.
الثاني: أن الطلب يتضمن فقرة تنص على اعفاء الأمريكيين من المساءلة، وهي فقرة صوتت لصالحها الولايات المتحدة، التي امتنعت عن التصويت على مشروع احالة قضية دارفور للمحكمة في مجلس الأمن، كونها ذات موقف سلبي من تشكيل المحكمة ككل.
الثالث: أن القرار معيب قانونيا وأخلاقيا، كونه ينص على عدم المساواة بين الأفارقة البؤساء، والأمريكان الأقوياء.
ولفت إلى أن اوكامبو قرر في تقريره للمحكمة أن القضاء السوداني مؤهل لتحقيق العدالة بحق المتورطين في أزمة دارفور.
واعتبر القرار «سبة» في جبين المجتمع الدولي.. ملاحظا أن المحكمة لم تحاكم حتى الآن أي أوروبي، أو أي أحد خارج القارة الإفريقية. وقال هي تستخدم «لتخويف الرعاع، وعديمي الحيلة»، مشيرا إلى أنها حاكمت فقط حتى الآن مواطنين من ثلاث دول افريقية.
وعلى ذلك، فإن قرار المدعي العام عكس ـ من وجهة نظر صلاح الدين ـ ترتيبا معكوسا للأولويات، تعمل المبادرة العربية على إعادة ترتيبها من جديد.
وأشار إلى أن قرار طلب اعتقال الرئيس البشير شكل مفاجأة له شخصيا، وللكثيرين من المسؤولين السودانيين، الذين لم يتوقعوا أن تأخذ التطورات هذا المنحى.
وكشف عن أن السودان طلب من اشقائه العرب الوقوف أمام واجبهم في الحفاظ على سيادة الدولة السودانية، كي تواصل القيام بواجباتها، وفي مقدمة هذه الواجبات تنفيذ اتفاق السلام في الجنوب.. نافيا في ذات الآن أن يكون رئيس الجمهورية محصنا عن المساءلة، لكنه لفت إلى أن الدستور السوداني يحدد الآليات المعتمدة لذلك.
واعتبر صلاح الدين أن مطالبة الأمم المتحدة بحماية موظفيها في السودان، وطلب اعتقال الرئيس السوداني، تمثل مفارقة، لأن من شأن ذلك اضعاف موقف رئيس الجمهورية الذي تتم مطالبته بحماية موظفي المنظمة الدولية.
ونفى صلاح الدين أن تكون الولايات المتحدة، أو الدول الأوروبية هي التي تقف وراء القرار الذي يؤكد كونه طعينا، قائلاً: إن القرار فيما يتعلق بدارفور مختطف من قبل ناشطين سياسيين في أمريكا واوروبا، دون أن يعني ذلك أن الولايات المتحدة ليست «شيطان التآمر الأكبر»، لكنها في هذه الحالة، وكونها غير موقعة على اتفاقية انشاء المحكمة تكتفي بالتفرج بسعادة على الإجراءات التي تتم بحق السودان، دون أن تكون طرفا فيها، حيث إنها امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن الذي أحال القضية لمحكمة الجنايات الدولية سنة 2005.
وأشار إلى أن الناشطين السياسيين هم الذين يحرضون ضد السودان، ويعملون على مفاقمة الأزمة، ويحرضون فصائل التمرد، حفاظا على الرواتب المرتفعة التي يحصل عليها العاملون منهم في المفوضية الدولية لأزمة دارفور من أموال التبرعات.
وفي معرض رده على سؤال حول مواقف الأطراف الداخلية في السودان من التطورات الأخيرة، قال: إن هناك لجنة وطنية مشكلة من كل القوى السودانية برئاسة سيلفا كير نائب الرئيس، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة، تعنى بمواجهة تطورات الأزمة. وأشار فقط إلى «موقف شاذ جدا»، في إشارة إلى الدكتور حسن الترابي، يؤيد الإجراءات «المعادية للسودان».
وفي معرض رده على سؤال آخر قال صلاح الدين: «نحن لا نبرئ أنفسنا من هفوات وأخطاء»، لكنه قال: إن ما يحدث في دارفور «ليس إبادة عرقية.. لم يحدث شيء جراء سوء النية».. مشيراً إلى أن «محاكمات تمت لمئات المتورطين في الصراع حين قدمت شكاوى بحقهم للقضاء السوداني، وقد صدرت أحكام في هذه القضايا، بعضها بالإعدام، لكن الإعلام الغربي يعتم على ذلك».