التدخين السلبي (اللاإرادي)
لا يقتصر ضرره على المدخن وحسب بل يتعداه
للآخرين وخصوصاً الأطفال،،،
ما هو التدخين السلبي غير المباشر (أو اللاإرادي):
ويسمى أيضا بالتدخين القسري أو التدخين بالإكراه وينقسم الدخان المنبعث نتيجة تدخين التبغ إلى ثلاثة أنواع :
الدخان المنبعث مباشرة من طرف السيجارة المشتعلة .
الدخان المطرود من فم المدخن .
الدخان المخلوط الناتج عن اختلاط النوعين المذكورين سابقا.
وكل هذه الأنواع من الدخان من الممكن أن تنبعث من السيجارة ، أو الغليون (السبيل )، أو الشيشة ... إلى آخر أنواع التدخين . ولا تقل نسبة الضرر عند التعرض لأي من هذه الأنواع من الدخان فكلها ثبت ضررها على الإنسان سواء متعاطيها أو المتعرض لها بطريق غير مباشر. وينبغي ملاحظة أن الدخان المنبعث من الطرف المشتعل من السيجارة هو أكثر ضررا على المتعرض له سلبيا، ذلك لأنه لا يمر عبر فلتر السيجارة كما هو الحال مع الدخان الذي يستنشقه المدخن المباشر حيث أن الفلتر يحجز ولو جزءا يسيرا من السموم المنبعثة من جراء احتراق التبغ . هذه الخلطة من الدخان المنبعث من مصدر التدخين تحتوي على أكثر من 4000عنصر من المواد المختلفة ، منها أكثر من 40مادة ثبت أنها تسبب السرطان في الحيوان والإنسان وكثير منها يسبب أضرارا أخرى مختلفة على جسم الإنسان وعلى البيئة .
أضرار التدخين السلبي الغير مباشر على الإنسان:
ثبتا في الوقت الحاضر أن التدخين السلبي من المسببات الأكيدة لسرطان الرئة عند الإنسان . حيث ثبت علميا العلاقة المباشرة بين التعرض لهذا النوع من الأذى والإصابة بسرطان الرئة بل انه يعد في التصنيف العلمي من مسببات سرطان الرئة من فئة (أ ) أي ، كذلك من التأثيرات الثابتة علميا على تأثير التدخين السلبي على الرئتين هو الإصابة بحساسية الشعيبات الهوائية ومرض الربو خصوصا عند الأطفال وهو كذلك من مسببات السعال المزمن وزيادة إفراز البلغم والتهابات الصدر المتكررة وضيق النفس . وهو أيضا سبب رئيسي من مسببات ضعف كفاءة الرئتين في أداء وظائفها حيث أن التعرض لدخان السجائر من غير المدخنين يؤدي مع الوقت إلى ضعف وهبوط في قدرة الرئتين على استنشاق الهواء والتعامل معه بالشكل الطبيعي ويؤدي ذلك حتما إلى الإصابة بضيق الصدر وضيق التنفس خصوصا مع أقل جهد وكلما زاد التعرض للدخان كلما أدى ذلك إلى المزيد من الضعف في أداء الرئتين لوظيفتها .أكدت بعض الدراسات في مراكز بحوث القلب أن هناك علاقة وثيقة بين التدخين السلبي غير المباشر والإصابة بأمراض القلب وخصوصا أمراض شرايين القلب كما يحدث للمدخنين أنفسهم فيؤدي ذلك للإصابة بجلطات القلب في سن مبكر.
تأثير التدخين السلبي الخطير على الأطفال:
إن التأثير المأساوي للتدخين السلبي يحدث عند الأطفال الذين قد يتعرضون للتدخين السلبي من خلال تدخين الوالدين وخصوصا إذا ما كانت الأم من متعاطي الدخان والسجائر. فهؤلاء الأطفال لا ذنب لهم في التعرض لشتى مآسي الدخان الضارة على أجسامهم الهشة وهم لا يزالون في سن مبكرة لا قدرة لهم على تمييز الضار من النافع . وهذه جريمة يرتكبها الوالدين أو غيرهما من أفراد العائلة الآخرين ممن يعرضون أطفالهم لهذه الآفة الملعونة . فمن التأثيرات السلبية على الأطفال بسبب التعرض السبي للدخان :
تعرض الرئتين وهما لا تزالان في طور النمو إلى الآثار السلبية المذكورة سابقا عند الكبار ولكن التأثير هنا أشد والضرر أفدح حيث أن الرئة لا تعطى الفرصة لأن تنمو بشكل طبيعي بل تتعرض لتأثير الدخان الهدام عليها حتى من قبل أن تعطى الفرصة لتطور أساليب الحماية الضرورية واللازمة ليعيش الطفل بشكل طبيعي ويكون قادرا على رد الأضرار والالتهابات التي يتعرض لها طبيعيا خلال عملية النمو. فيصاب هؤلاء الأطفال بالتهابات الشعب الهوائية بشكل متكرر مما قد يتسبب في زيادة لإفراز البلغم واحتقان الرئتين أو الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية المزمن والذي يحول دون الحياة بشكل طبيعي ودون منغصات ويظل الطفل يعاني من شتى أنواع التهابات الصدر طوال حياته ومن الإحصاءات المنشورة والمعلنة في هذا المجال في أمريكا على سبيل المثال قدرت بعض الدراسات أن التدخين السلبي الغير مباشر مسئول عن التسبب بـ 150.000 – 300.000 حالة إصابة بالتهابات الشعب الهوائية السفلى (الإنتان ) عند الأطفال الرضع والأطفال دون سن 18 سنة سنويا . وينتج عن هذا حوالي 15000 حالة تستدعي الدخول إلى المستشفى لعلاج التهابات الصدر عند هؤلاء الأطفال الأبرياء .
زيادة نسبة الإصابة عند الأطفال المعرضين لخطر التدخين السلبي بأمراض حساسية الصدر وقلة أو ضعف كفاءة الرئة في أداء وظيفتها والإصابة بالأزيز والصفير مع النفس وفي حالات أخرى يظل الطفل يشتكي من السعال المزمن والمزعج له وللآخرين من حوله .
يؤدي التدخين السلبي عند تعرض الأطفال له إلى تجمع السوائل داخل الأذن الوسطى وقد يكون سببا إلى دخول هؤلاء الأطفال للمستشفى وللعمليات الجراحية وهم في سن مبكر.
الأطفال المصابون أصلا بداء الربو هم على الأخص معرضون لمزيد من المعاناة والمضاعفات عند تعرضهم للتدخين السلبي و كان التدخين السلبي وتعرضهم له سببا أساسيا في استياء ومضاعفة هذا المرض عندهم وسببا في عدم القدرة على التحكم في مرض الربو عند هؤلاء الأطفال . كذلك التعرض للتدخين الغير مباشر كان سببا في الإصابة بمرض الربو عند كثير من الأطفال الذين لم يكونوا مصابين عند ولادتهم.
كيفية التقليل من التعرض للتدخين السلبي و آثاره:
لابد من منع تعاطي السجائر في المنزل منعا باتا سواء في داخل المنزل أو في صحن أو فناء البيت لا من قبل الأهل ولا الزوار.
إن كان لا بد من التدخين داخل المنزل فلا أقل من أن يكون ذلك في مكان منعزل عن الجميع وخصوصا الأطفال الذين هم عرضة لآثار التدخين السلبي وان يكون ذلك في مكان جيد التهوية للخارج مع وجود المراوح والنوافذ الطاردة للدخان إلى خارج المنزل .
ينبغي منع أي عامل يأتي إلى المنزل لعمل ما من أن يدخن ولو سيجارة واحدة وخصوصا في حضرة الأطفال .
كذلك لا ينبغي إغفال أهمية التوعية الصحية المستمرة بآثار التدخين بشكل عام والتدخين السلبي غير المباشر بشكل خاص من قبل الجهات الصحية والإعلامية وغيرها في الدولة . فقد تبدأ حركة مكافحة التدخين من هذه النقطة . وينبغي إشراك أفراد المجتمع جميعا وخصوصا الشباب والأطفال للتعرف على الأضرار الناجمة عن التدخين السلبي وكيفية تجنبها.
نقلا عن مجلة "الصحة أم التبغ" العدد 9 مايو 2006م