اتهمت مريضة أصيبت بشلل كامل طبيباً مشرفاً على علاجها في أحد المستشفيات الخاصة في مدينة حلب باغتصابها, فيما علمت سيريانيوز أن الطبيب اعترف في التحقيق الابتدائي بمداعبتها في صدرها فقط قبل أن ينكر أقواله لدى قاضي التحقيق.
وفي حين تعددت آراء الأطباء حول مدى وعي المريضة وقدرتها على التذكر بعد أخذها أدوية مخدرة، اعتبر محام مختص بالقضايا الجزائية أن المرأة "شاهد ملك" في هكذا دعاوى.
وقال أحد أقارب المريضة لموقع سيريانيوز "إنها امرأة متدينة, وعندما حدثتني لم أصدقها واعتقدت أن الهواجس تملكتها عندما تم وضع قثطرة بولية لها, لكن بكاءها خمسة أيام وطلبها ورقة وقلم لتكتب - لأنها لا تستطيع النطق - جعلني أبحث في ما تقوله, بالأخص وأنها لا تخشى من طلاق زوجها لها بل كتبت أنها ستطلقه إذا لم يأخذ لها حقها من المعتدي".
ويضيف القريب " لقد ذكرت لي وقائع تدل على أنها كانت تسمع وتعرف كل ما يدور حولها, ولهذا صدقناها، وتمنت أن يمكنها الله من أن تفتح عينها لحظة واحدة وتتمكن من الكلام لتروي عما تعرضت له ليأخذوا لها حقها وتموت بعد ذلك".
وفيما يلى القصة كاملة:
أدخلت المريضة (إيمان.ش) ,البالغة من العمر 21 سنة وأم لطفلتين, إلى مستشفى الشهباء التخصصي في مدينة حلب إثر إصابتها بحالة غريبة من الشلل بعد حقنها بإبرة محرضة على الإباضة، وخلال خمسة أيام ساءت حالتها أكثر فأكثر، وأعلن أطباء المشفى ومن استقدموهم من استشاريين أن حالتها ميئوس منها.
وقال قريب المريضة "لقد تحولت العناية المشددة إلى حلقة ذكر, طلب منا الأطباء أن نقرأ القرآن فوق رأسها وقد أحضرنا عدة شيوخ من أجل ذلك حتى أن السيرومات كان تتم قراءة الفاتحة عليها بموافقتهم", الأمر الذي نفاه معنيون في المشفى وقالوا إن الأهل هم من أحضر الشيوخ والإدارة احترمت مشاعرهم.
بعد ذلك تم نقل المريضة إلى مشفى الأندلس في دمشق لمتابعة العلاج, وفي هذه المرحلة كانت تتمكن من تحريك يدها اليمين والإيماء برأسها, فطلبت قلماً وورقة وكتبت أنها تعرضت للاغتصاب من قبل شخص في العناية المشددة في حلب يوم الخميس وأن المعتدي كان يتحدث مع المستخدمة أثناء استبدال الفوطة وقال لها أن تنظفها جيداً".
ويتابع القريب الذي يروي الحكاية "لم أحمل ذلك الكلام على محمل الجد, واعتقدت أن وضع القثطرة البولية قد جعل هواجسها وخيالها يبالغ، لكنها لم تكف عن البكاء، وأكد لنا المعالجون في دمشق أنها في حالة وعي وإدراك كامل ويمكنها أن تسمع وتدرك ما يجري، فقمنا بالادعاء على المستخدمة المناوبة في ذلك اليوم وعلى من يثبت التحقيق قيامه بذلك".
وأفادت المريضة كتابة قبل أن تتمكن من الكلام بعد تحسن صحتها لاحقاً أنه أثناء وجودها في المشفى يوم الخميس 13 /11/2008 تعرضت للاعتداء من قبل شخص استطاعت أن تميز صوته لأنه تحدث بالهاتف مع أحد الأشخاص, وفهمت من حديثه أنه يطلب الاطمئنان على صحتها.
وأضافت أن هذا الشخص تحدث مع طبيب من طرف أقاربها حضر لمتابعة حالتها.
وأجابت المريضة إيمان على أسئلة المحقق كتابة, وأضافت أنها سمعت حديثاً يدور بين الشخص ورجال آخرين يتحدث فيه عن جمال جسمها وصدرها، و ذكرت تفاصيل حوار بين مستخدمة وشخص آخر فيه إيحاءات جنسية و كلام بذيء ذكرته المريضة حرفيا.
وذكرت المريضة كنية الطبيب لكنها لم تذكر اسمه الأول عندما عرف عن نفسه لطبيب من طرف أقاربها حضر لأخذ خزعة, وأفادت أن هذا الشخص عرّف عن نفسه للطبيب الآخر على أنه "دكتور متخرج من ثلاث سنوات", وتم ضبط أقوالها وإجاباتها الكتابية على أسئلة المحقق.
التحقيق شمل معظم العاملين في العناية المشددة في المشفى ظهر يوم الخميس المذكور وحتى صباح الجمعة, وتم الاستماع إلى إفادات الكادر المناوب, حيث حصرت الشبهة بالطاقم المناوب ليلة الخميس / الجمعة وهم طبيب وفنيان ومستخدمتان ومستخدم واحد.
وتم توقيف الطبيب (مصعب.ج) بداية والمستخدمة (جميلة.أ) التي تم الإفراج عنها لاحقا، ثم تم توقيف ستة أشخاص وتقديمهم لاحقاً إلى القضاء، و هم كامل الطاقم المناوب تلك الليلة بعد اعتراف أحدهم ,وهو طبيب, بـ"مداعبة المريضة فقط" .
وأفاد الموقوف (ياسر.ب) أنه لم يقدم على الاعتداء على المريضة ولم يشاهد أحد يعتدي عليها وكذلك الموقوف (حسان.ت) الذي أفاد بأنه لم يلاحظ نزع أي من المآخذ الموضوعة على صدر المريضة, وأن الطبيب "مصعب" نام على السرير الفارغ المجاور لسريرها عند الساعة الثانية والنصف ليلاً, وأفاد بأنه سأل المستخدمة "أمونة " عندما تذمرت من استدعائها لتغيير فوطة المريضة "كني انت بالدورة الشهرية ", ولم يقل لها الكلام البذيء الذي ذكرته المريضة في افادتها .
وأفادت المستخدمة (ثناء.ش) أنه "طلب منا الحضور أنا وزميلتي إلى العناية المشددة من أجل تغيير الفوطة للمريضة, وقمنا بتغيير الفوطة لها, ودار حديث بين زميلتي وبين حسان, لا يمكنني تحديده ولكن دائما يدور حديث شبيه بالغزل".
أما زميلتها (أمونة.ع) فأفادت أنها طلبت من "حسان" ألا يرسل بطلبها مرة ثانية لأن بطنها وظهرها يؤلمانها فقال لها "كني جاييتك الدورة .." واكدت انه ذكر الكلام البذيء الذي جاء في افادت المريضة, وقالت بانها ردت عليه "أنتم الرجال ما لكم أمان" قبل أن تغادر العناية المشددة, وأضافت أنها شاهدت شخصا نائما على السرير المجاور للمريضة لم تعرف من هو.
ورغم المراقبة المشددة بالكاميرات إلا أن التسجيلات يتم حذفها بعد 48 ساعة, والكاميرات موضوعة أصلا لمراقبة أداء العاملين في العناية المشددة من قبل إدارة المشفى, وتبين أن السرير الذي كانت تنام عليه المريضة هو الوحيد غير المراقب بالكاميرا.
الطبيب أنكر قيامه بالاعتداء على المريضة، لكنه اعترف لاحقاً أنه داعبها في صدرها وقبلها دون أن يراه أحد من المناوبين معه كونهم مشغولين بأعمال أخرى، وتم ضبط أقواله وإطلاع نقيب أطباء حلب الدكتور عماد سلطان على الضبط ومجريات التحقيق وسمح له بمقابلته.
المقابلة بين الشاكية والموقوفين
توجهت دورية من فرع الأمن الجنائي في حلب إلى دمشق مصطحبة المشتبه بهم الطبيب والمستخدمتان، وطلب من خمسة أشخاص بينهم الطبيب المشتبه به أن يرددوا من خلف ستارة نفس المقطع الذي زعمت المريضة سماعه من الفاعل، "أنا فلان الــ....... دكتور من ثلاث سنوات", فأفادت أنه أحد الخمسة وأشارت إلى الطبيب (مصعب) بدلالة صوته وتسلسل دوره في الكلام.
كما تعرفت على صوت المستخدمتين اللتين أفادتا بمضمون الحوار الذي دار بين كل واحدة منهما والفني الموجود في العناية، والذي قالت المريضة إنها سمعته، لكنها لم تتمكن من نسبة كل حوار لصاحبته.
وتم تحويل المقبوض عليهم إلى قاضي التحقيق الذي استمع إلى إفاداتهم مجدداً, حيث أنكر الطبيب ما جاء في الضبط الابتدائي كونه "جاء نتيجة التهديد بالضرب وبالسجن العرفي".
الاستياء من القضية كان واضحاً في المستشفى التخصصي حيث قال مديره الدكتور فاهر قناعة "نحن مع العدالة, و نعتقد أن تأثير الدواء هو ما ساهم في حصول تهيؤات, ولجان الخبرة هي التي يجب أن تفصل في الأمر, ويوجد أبحاث طبية حول هكذا حالات".
وأضاف " نحن في المشفى نلتزم المعايير الطبية, وبنفس الوقت نحترم عقائد الناس, أرادوا هم إحضار مشايخ لكي يقرؤوا على رأسها فهل نمنعهم في هكذا وضع إنساني؟, أما قراءة الفاتحة والسور القرآنية الكريمة على أكياس السيروم فهذا أمر يخصهم نحن نعمل بضمير ووجدان وباتكال على الله فهو الشافي بعد الأخذ بالأسباب, فهل ذنبنا أننا احترمنا قناعاتهم".
الدكتور علال زين الدين من إدارة المشفى قال إن "الحالة غريبة جداً ومعقدة, المريضة في العناية وتحت تأثير الأدوية المخدرة, وطاقم العناية كبير والطبيب مشهود له بالأخلاق الحسنة، اعتقد أن تقرير الخبرة هو الذي سيريح أهل المريضة عندما يؤكد لهم أن الأمر كله تهيؤات, نحن لا نسعى إلى تبرئة طبيب المشفى بقدر ما نريد التأكيد لذوي المريضة انه لم يعتدي عليها أحد, واعتقد أن هذا هو ما يحبون أن تكون عليه الحقيقة العلمية".
زملاء الطبيب في العناية المشددة في مشفى الشهباء التخصصي أبدوا تعاطفاً كبيراً مع زميلهم, نافين بشدة التهمة الموجهة إليه كونه يتمتع بأخلاق عالية ولكون الأمر من المستحيل وقوعه في العناية المشددة المكشوفة للخارج كما قالوا.
وأضاف أحد الأطباء العاملين أن "المريضة كانت تحت تأثير الدواء المخدر ومن المستحيل أن تتذكر أو تعرف ماذا يجري حولها، كما أن عائلتها متزمتة جداً وقد طلبوا ,عند قدومهم, غرفة خاصة بها بحيث يكون طاقمها من النساء, طبيبات وفنيات ومستخدمات حصراً, وهذا مستحيل تأمينه كما أنه طلب غير واقعي ويعبر عن هاجس نفسي ربما ساهم في الادعاء بوقوع جرم اغتصاب".